تمزيق وحدة الصَّومال الكُبرى بتخطيط أعدائه وتنفيذ أبنائه المقال الثالث

تمزيق وحدة الصَّومال الكُبرى

بتخطيط أعدائه وتنفيذ أبنائه

المقال الثالث

كتبه الدكتور/ عمر إيمان أبوبكر

1443هـ= 2022م

 

الوضع الدولي القائم اليوم في العالم

الصومال جزء من المجتمع الصومالي القائم، فيتاثر به سلباً وإيجاباً، ولهذا فلا بد من القراءة للوضع الدولي القائم لفهم الوضع الداخلي الصومالي، فالتأثيرات الخارجية في الصومال أكثر من التأثيرات الداخلية عليه، فالوضع الدولي القائم لا يبشر بخير، ولا يساعد أن يقوم الصومال فيه على قدميه من جديد، بل يُنذر بمزيد من المشاريع الهدامة التي لا تَقِلُّ خطورتُه عن خطورة الاحتلال الأول، ذلك أن العالم اليوم بقيادة أمريكا، وقد أفَل نجمُها، وأفلسَ مشروعها، وشارف على الانتهاء بسبب تخبُّطها السياسي، وتدخلاتها المتكررة في جميع الصراعات مما أدَّى إلى ارتكابها جرائم في حق أمم الأرض جمعاء، فامتلأ بذلك إناؤها، فعما قريب ستلقى جزاءها على سوء صنيعها، فليس هناك شيء يذهب على رب العالمين (وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرًا) تلك هي السَّاعة الفارقة في تاريخ الأمم، تنزل أمة عن القِمَّة، وتصعد أخرى إليها.

 وفي صحيح البخاري من حديث أنس t (حق على الله أن لا يرتفع شيء من الدنيا إلا وضعه) فلا يبقى شيء على حاله غير خالق الكون، ومِن سنن الله في الكون أنه قد يُمهِل، ولا يُهمل، وقد وَضع لهذا الكون نواميس لا تحابي أحداً، وهي بلا ريب تجري على الجميع، فمن استكبر وتجبر أعاده الله إلى الحضيض (إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبنائهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين. ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين).

إن أمريكا تحاول ـ وقد علمت أن القيادة ستتحول عنها عما قريب ـ أن تؤخر ذلك لبعض الوقت بتدمير الدول الأخرى، وفي مقدمتها الدول الإسلامية بوصاية من اللوبي اليهودي لأنها في نظرها هي العدو التاريخي، ولأن المشروع الإسلامي يقف على الضد من مشروعها في كل شيء، فشرعت أمريكا في إغراق دول كثيرة منها بالفوضى التي يسمونها الخلَّاقة حسب تعبيرهم، وما ترونه اليوم من التدمير في عالمنا الإسلامي من الصومال إلى اليمن إلى ليبيا، إلى سوريا إلى مصر إلى السودان جزءٌ من ذلك المخطَّط، و مواقف الدول الإسلامية أمام مشروع الأمريكي متفاوتة على هذا النحو الذي سنذكره.

مواقف الدول من المشروع الأمريكي التدميري

فأما الدول الضعيفة التي يكفيها الكلام فقدتم إطلاعها على المشروع الضخم للتدمير والتخريب، فاستسلمت له فوراً، بل رضيت أن تكون أداة لتنفيذه على أمل أن تنجو هي من السيل الجارف، وإذا علمتَ هذا تبيَّن لك السر في تهافت بعض الدول على التطبيع مع إسرائيل ووقوفها معها ضد مصالح المسلمين في كل الميادين، ولكن المشروع الأمريكي الذي تقف خلفه إسرائيل ليس له حدود ينتهي إليه، فهو مثل جهنم كلما حصلوا من تلك الدول المستسلمة على شيء طالبوها بالمزيد، وبعضٌ من تلك الدول الضعيفة قد حملها الخوف على تبديل الدين الإسلامي إلى الدين الإبراهيمي لإيجاد أخوة دينية مع اليهود والنصارى لتخرج بذلك فيما تظن مِن خانة دول الأعداء إلى خانة الدول الصديقة التي يُعتمد عليها في المساهمة في هذا المشروع الضخم.

وأما بقية الدول الإسلامية في مقاومة المشروع الأمريكي التدميري فبين خيارين لا ثالث لهما:

الخيار الأول: أن تقاوم ذلك المشروع بكل ما تملك من أسباب، وتستعين بالله على دفع خطره عنها، فإنها ستنتصر عليه بإذن الله إن عاجلاً أو عاجلاً، ومن نصره الله فلن يغلبه أحد (إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون) وقد وعد الله المؤمنين وعداً قطعه على نفسه أن لا يجعل للكافرين عليهم سبيلاً مهما كانت قوة الأعداء إن كانوا بالله مؤمنين، وبحبله متمسكين، (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين)، وقد رأينا ذلك الوعد الإلهي يتحقق لإخوتنا في أفغانستان واجهوا أكبر قوتين في هذا العالم بإمكاناتهم المتواضعة، فاستعانوا بالله عليهم، ثم صبروا، واحتسبوا حتى جاءهم النصر من عند الله، فهم اليوم الدولة الوحيدة التي تتمتع بالحرية الكاملة دون إملاءات من أحد لا من أمريكا، ولا من روسيا ولا من دول التحالف.

 الخيار الثاني هو ما تقوم بع كثير من الدول الإسلامية دون حبل من الله لمقاومة المشروع الأمريكي التدميري بوسائل عديمة النفع، لكي تظهر بمظهر القَوي في أعين الشعب لا في حقيقة الأمر، فتوهمه بأنها مأمونة الجانب من خلال شعارات تُعلَّق على الجدران في المناسبات، وبهتافات حماسية تملأ الحناجر، وبخُطب رنَّانة في المواسم عند الشعور بالخطر، وبادعاء سيادة ليس لها وجود على أرض الواقع، فإذا ازداد الأمر خطورة، ولم تُجدِ تلك الوسائل نفعاً في دفع الخطر عن الأمة توجَّهت تلك الدول إلى الأمم المتحدة برفع الشكوى إلى مجلس الأمن الدولي للحدِّ من التدخل السافر في شؤونها الداخلية، وبالتردد بين هذه وتلك يضيع الوقت، ويقترب الخطر من الأمة، عندها يبادر الرئيس إلى تقديم استقالته طالباً من الأمة أن تطلب النصر من الله على أعدائها لصد العدوان عنها بقوته التي لا تقهر، ثم يتوجه إلى مكان مجهول لينجو بنفسه تاركاً الأمةَ وحدها تواجه مصيرها المحتوم.

موقف الصوماليين من المشروع الأمريكي التدميري

وبين هؤلاء وأولئك الصوماليون فقد قيل لهم: إن نصيبكم من المشروع الأمريكي اليهودي المزمع تنفيذه في الصومال: هو باختصار أن تتوزعوا في دويلات على حسب أقاليم البلاد حتى يسهل ابتلاعها واحدة تلو الأخرى، فيكون من العاصمة مقديشو إلى رأس كمبوني جنوباً من نصيب كينيا، ومن العاصمة مقديشو إلى راس عسير شمالاً من نصيب إثيوبيا، فقال القادة زعماء الصومال بأفعالهم وتصرفاتهم وإن لم يقولوه بألسنتهم: هل هذا هو المطلوب منا فقط؟ قيل لهم: نعم، قالوا: نحن نقوم بتنفيذه على أنفسنا، ولا نقبل من أحد أن يُنفِّذه علينا، لأننا أحرار، ومن شأن الحُرِّ أن لا يقبل الإملاءات، قيل لهم: المهم هو تنفيذ المشروع سواء بأيديكم، أو بأيدينا، وأن يتم تنفيذه على أيدكم أسهل لنا لأنه أقلُّ كُلفةً علينا، ومن هنا جاء تسمية هذا البحث باسـ (تمزيق الصومال بتخطيط أعدائه وتنفيذ أبنائه).

وكل الخطوات التي يتخذها هؤلاء الزعماء الصوماليون في الساحة من  تقسيم البلاد إلى شطرين، ثم تهيئة البقية لتقسيمات أخرى في النظام الفيدرالي هو جُزء من تنفيذ ذلك المخطط سواء علمنا ذلك أم لم نعلم، فالعبرة بالواقع الحاصل لا بالأماني، وما عجز عنه الشعب الصومالي، وهو مُوحَّد فلن يقدر عليه وهو مقسَّم، وليس غريبا أن يقوم بتلك الأفعال من رضي أن يكون أداة لتدمير أمته لمصلحة آنية، ولكن العجب كل العجب سكوت الشعب الصومالي، وفي مقدمتهم علماء الشريعة على هذا المشروع الذي يقضي على كيان الأمة وثوابتها حتى  تذوب في الأمم الأخرى.

تقسيم العالم الإسلامي إلى دول بعد سقوط الخلافة العثمانية

إن الهدف الأساسي لتقسيم العالم الإسلامي إلى دول هو لمنع قيام خلافة إسلامية عظمى من جديد تُشكِّل فيما بعد تهديداً على الدول الأوربية كالذي عانت من الخلافة العثمانية التي وصلت بفتوحاتها إلى عمق أوربا، ولو لا أن الدولة العثمانية كانت تعاني من عوامل داخلية نخرت في عظامها كالثورات التي كان يقودها القوميون من كل الأعراق لمحاربة القومية الطورانية التركية باعتبارها قوة استعمارية، ثم وهي على تلك الحالة أخطأت التقدير بوقوفها في جانب ألمانيا ضِدَّ دول التحالف، وبعد هزيمة ألمانيا في الحرب واستسلامها لدول التحالف تكالبت الدول الأوربية المنتصرة على الدولة العثمانية، ولم يكن بمقدورها أن تقف بمفردها في وجه دول التحالف ومعها روسيا العظمى.

كان القرنان: الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديان قرنا صراعٍ ونفوذٍ بين  القُوَى الكبرى، بين الدولة العثمانية التي كانت تمثل المسلمين من جهة، والدول الأوربية التي كانت تمثل النصرانية من جهة ثانية، وكانت الغلبة لصالح الدولة العثمانية في القرن الثامن عشر وما قبله من القرون على الدول الأوربية في معظم الجبهات، وكانت الشعوبُ المسلمة في أقطار الأرض تابعة للدولة العثمانية إما مباشرة، وإما ولاء.

وفي الوقت نفسه كانت الحروب العبثية الهمجية تشتعل بين الدول لأوربية نفسها، والتي لم يُعرف لها هدف يتحقق من ورائها غير الاستعلاء على الآخرين، ولم تكن تستند إلى معايير يُحتكم إليها غير قتل أكبر عدد ممكن من البشر، وقد بلغت حصيلة القتلى في الحربين العالميتين ـ الأولى، والثانية ـ أكثر من مائة وعشرين مليون غير المفقودين، وغير مَن ماتوا بسبب الجوع والمرض، وعددهم يفوق عدد القتلى في الحربين أضعاف أضعاف مَن قُتلوا فيهما، ولا يعرف في قتل كل هؤلاء الأعداد سبب واحد يكون تفسيراً لكلِّ ما حدث من الإبادة البشرية، ومن المفارقات العجيبة أن هؤلاء الهمجيين الذين ارتكبوا في حق البشرية كل تلك الفظائع والجرائم يرموننا اليوم بالإرهاب والعنف، وينطبق عليهم المثل العربي (رمتني بدائها وانسلت).

وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى تحالفت الدول الأوربية على الدولة العثمانية بتهمة وقوفها مع ألمانيا في الحرب العالمية الأولى، فانقضوا عليها انقضاض النسر على فريسته، ولم تكن الدولة العثمانية في وضع يمكنها من الدفاع عن نفسها ضد تلك الدول المتحالفة، فقد دبَّ في عروقها الضعف والوهن مما أدَّى إلى سقوطها عقب الحرب العالمية الأولى في نهاية الربع الأول من القرن التاسع عشر، وبالتحديد عام (1923م) فاستسلمت الدولة العثمانية لشروط الحلفاء التي كان من بينها إنهاء الخلافة العثمانية، وإقامة الجمهورية التركية بدلها، ثم التخلي عن جميع الدول التي كانت منطوية تحت الخلافة العثمانية في الشرق والغرب لصالح الدول الحلفاء.

        ثم اشتد الصراع بين الدول الأوربية من أجل تقاسم ميراث الدولة العثمانية، واستمرت المواجهة بينها لمدة غير يسيرة للسيطرة على أكبر مساحة من الأراضي الإسلامية لتوسيع نفوذها، ثم التفرد بخيراتها، وقد صارت الدول الإسلامية بعد سقوط الخلافة العثمانية كلأ مستباحاً لكل طامع، فتمَّ تقاسُمها كتقاسم الورثة لتركة الميت، لهذا وقعت معظمُ البلدان الإسلامية التي خرجت من رحم الدولة العثمانية تحت سيطرة بريطانيا، ثم فرنسا، ثم إيطاليا.

وفي منتصف القرن التاسع عشر هبت معظم الشعوب المسلمة كغيرها من شعوب الأرض على المحتلين الأوربيين الغاصبين، وبعد جولات وجولات من السجال والمواجهة أيقن المحتل أن لا مناص له من الرحيل إذ صعب عليه البقاء في البلاد مع تلك المواجهات في كلِّ الأصعدة، وكان من المفترض أن يرحل العدو المحتل بدون شرط، ويترك للشعوب أمر بلدانها لتقرر ما تراه مناسباً لها في الاجتماع والافتراق، ولا يتدخل في شؤونها بعد رحيله عنها، ولكنه لجأ إلى وضع خطة تضمن له الاستمرار في التحكم في معظم تلك الدول التي كان يحتلها، ولم تكن لتنجح خطتُه تلك في أرض الإسلام لولا وجود عملاء في البلدان الإسلامية ربَّاهم المحتل على طريقته، ودسَّهم في صفوف المناضلين، ثم قام لتلميع صورتهم أمام أعين العالم ليختارهم الشعب من بين المناضلين للتفاوض معه في طريقة الخروج باعتبارهم ممثلين عن الشعب، وبذلك أمكن للمحتل أن يُنفِّذ خطته تلك في تقسيم الشعوب إلى دويلات على الطريقة التي يراها هو بمباركة نواب الشعوب، وأوجد في تقسيماته تلك بين الدول المجاورة مناطق متناعاً عليها لتكون بؤرة الخلاف والتوترات دائماً كما سنذكر ذلك لاحقا، ولم يكن ينبغي أن يكون للمحتل دور في الوضع الذي تكون عليه البلاد بعد رحيله عنها لأنه خائن، والخائن غير مؤتمن في مستقبل الأمة.

والدول الإسلامية القائمة اليوم هي من تخطيط وتقسيم المحتل، ولم يتم مراجعة تقسيماته تلك لمعرفة ما إذا كانت تلك التقسيمات صالحة للشعوب المسلمة أم لا، بل العكس من ذلك ترى الشعوب أن تلك الحدود التي وضعها المحتل مقدسة، ويجب التحاكم إليها في كل النزاعات التي تنشب بين كل دولة وجارتها، فإذا رأت دولة من الدول أن تقسيم المحتل لصالحها تمسكت به، ودافعت عنه ألا ترى أن جمهورية أرض الصومال تطالب بكل الأراضي التي كان الانجليز يحتلها، وبعضها يقع في عمق أرض بونت لا ند، وتدعي أن الحدود بينها وبين بونت لاند هي نفس الحدود التي كانت بين بريطانيا، وإيطاليا أيام الاحتلال، وكأنهما مَلَكَا الأرض الصومالية بالاحتلال، وعند رحيلهما تصدَّقا بها على الشعب الصومالي، ومن ثّمَّ يجب على الشعب أن يتقيد بالحدود التي وضعها المحتل (المالك السابق).

 وحتى يُكسِبوا تقسيم المحتل للحدود بين الدول الشرعيةَ الدوليةَ جعلوا المجتمع الدولي يعترف بمبدأ قدسية الحدود الموروثة عن المحتل، ولهذا فحدود الدول محتفظة لدى جمعية العامة للأمم المتحدة، وعند أي نزاع ينشب بين دولتين جارتين تفصله المحكمة الدولية التابعة للأمم المتحدة في لاهاي التي مقرها في هولندا كما هو الحاصل بين الصومال وكينا في نزاعهما البحري الأخير، ومعنى ذلك أن كل المفاتيح لا زالت بيد المستعمر الأول، فهو الخَصم والحكَم.

تقسيم العالم الإسلامي إلى دويلات لا يكون مبررا لتقسيم ما تبقى

إن الشعب الصومالي جزءٌ من الأمة الإسلامية العريضة، ويتوجب على الجزء ما يتوجب على الكل، فكونُ العالم الإسلامي حصل له التفككُ بعد سقوط الخلافة العثمانية وتقسيمه إلى دويلات من قبل الدول المحتلة، لا يعني ذلك بحال من الأحوال أن الباب مفتوحٌ لكل من أراد أن ينفصل عن الدولة الواحدة بحجة أن العالم الإسلامي مقسَّم، فتتحول الدولة الواحدة إلى دويلات كما يريده أعداء الأمة لأن هذا التقسيم الحاصل خارج عن إرادة الشعوب المسلمة، فكما تمَّ احتلال بلدانها رغم أنفها كذلك تمَّ تقسيم بلدانها على الوضع الحالي، فلا يكون  التقسيم الحالي للعالم الإسلامي مبرَّرا لتقسيم المتبقي، وحتى لو فرضنا جدلاً أن تقسيم العالم الإسلامي على ما هو عليه اليوم كان باختيار قادة المسلمين آنذاك، فلا يكون ذلك مبرراً أيضاً في جواز تقسيم كلِّ دولة إلى دويلات لأنهم بسبب ذلك كانوا واقعين في كبيرة من كبائر الذنوب، فلا يصح الاقتداء بهم في تقسيمات أخرى للبلدان الإسلامية إذ لا قدوة في الشر.

ولو أخذنا بهذا المبدأ من تقسيم كل دولة إلى دويلات لأفضى ذلك إلى اختفاء الدول من على الخارطة، لأن الإقليم المنفصل عن الدولة سينقسم على نفسه إلى أقاليم بنفس الذريعة لأنه لا يخلو إقليم من الأقاليم من أقلية مستضعفة تشكو من الأكثرية، ومعلوم عقلا وشرعاً أن الظلم لا يُزال بظلم أكبر منه لأن الذي يسعى لفصل جزء من الوطن عن البقية يكون بفعله ذلك قد ظلم الأمة كلها لأنه قد أضعفها بالتجزئة، وعرَّضها للخطر من قبل الأعداء، وعصى ربه فيما نهى عنه من التفرق، وليس التقسيم طريقاً لإزالة الظلم بل هناك طرق كثيرة شرعها الله لإزالة الظلم أيا كان نوعه، فلا بد من تفعيل اللوائح والنظم الكفيلة لمنع الظلم، ولكن الشعوب في الدول المتخلفة بكل أسف تصنع القادة الطغاة بيدها، وتمكنهم من فعل ما يهوون، ثم تشتكي من ظلمهم.

 

لتحميل الرابط اضغط هنا